سعيد اللاوندي .. جسد مسافر ورحلة لاتغيب

بروفايل : أحمد يوسف
لم يعد الموت مُدهشا ولا مُفجعا ولا مثيرا للدهشة والاستغراب .هي وديعة يتم تسليمها – طوعا – لبارئها لانملك الشفاعة في ردّها واستعادتها من جديد .
ربما يتملكنا الحزن على الرحيل ولكن يردّنا الإيمان بالله إلى حقيقة الرضا والتسليم والإذعان . وعلى الرغم من الألم الذي تملكني لرحيل أستاذ الصحافة العربية سعيد اللاوندي وحزني على غياب الأيام التي قضيتها بجواره أتعلم منه جميل الكلمة والرؤية والتعبير إلا إنني توقفت حقا عند ” الميراث ” الذي تركه لنا كتلاميذ والأرث الذي خلفه لأبنائه وأحفاده من بعده .

سعيد اللاوندي هو القيمة الصحفية التي لاتموت والرحلة المتألقة التي لايحملها قطار رحيل . تعلمنا منه فضائل الحياة والرؤية الناجحة للأشياء قبل أن نتعلم فنون الصحافة – كلمة ورأى وتعبير . تعلمنا منه الصبر والحُلم والكرم .. تعلمنا منه كيف تمتد اليد بالعطاء سرا . تعلمنا منه لغة الفارس وصمود الواثق في ربه ثم قلمه وإمكاناته .

سعيد اللاوندي القامة الصحفية لم يمت بعد وانما سافرت الوديعة – كما ذكرت سلفا – إلى مستقرها ومكانها في يومها وساعتها . صدقوني لازال يعيش فينا لا معنا . نستعيد في كل ساعة ضحكاته الراقية وآراءه الناجحة التي كانت تصيب دوما كبد الحقيقة . نستعيد حلمه وصبره على مكاره الحياة .
يوم أن حملت بيدي جثمانه كانت عيني ترصد الباكين .. كنت أتمنى لو أصرخ فى الوجوه . فسعيد اللاوندي لن ترضيه دمعة محبّ بل ينشد دعوة مخلص وحبيب .

رحل عملاق الصحافة العربية جسدا ولاتزال الذكريات الحلوة التي تركها داخلنا تأبي الغياب .
رحمك الله .. استاذي وصديقي .. وإلى الجنة الواسعة مقعدك ومكانك.